الشعور بالأمان في العلاقات الاجتماعية
نرتبط جميعًا منذ الصغر بالأشخاص الذين يشعرون اتجاهنا بالحب والعاطفة . نجد هذا في أول من نتعرف عليهم في حياتنا وهو عالمنا الصغير الذي يتكون من الأم والأب والأخوة، بمرور سنوات عمرنا، تتسع هذه الدائرة لتشمل المزيد من أفراد العائلة إلى جانب بعض الأصدقاء المقربين. تعطيك أسرتك القوة والأمان داخل المنزل لتتحدى العالم الخارجي وتخوض معركة الحياة، ويعطيك أصدقائك المقربين الدعم المتواصل في ساحة المعركة.
من أهم المميزات التي تتوفر في العلاقات الأسرية وعلاقات الأصدقاء هو الشعور بالأمان. يتعرض الجميع لبعض المواقف الحرجة والمشكلات بصفة عامة على اختلاف دراجتها ونوعيتها. نبدأ في مواجهة هذه الأمور منذ سنوات عمرنا الأولى وتستمر معنا طوال الحياة. في هذه الظروف، تلعب الأسرة والأصدقاء دورًا هامًا في توفير الشعور بالأمان لنا حيث نبحث عن الشعور بالأمان والدعم المعنوي ممن حولنا.
إن البيئة الأسرية هي الأولى التي تنفتح عليها أعيننا. فنحن نكبر بين والدينا واخوتنا وتربطنا بهم علاقات حب وطيدة. نتعلم منذ الصغر على أن نلجأ في المشكلات إلى هذا العالم الصغير المليء بالدفء، الدعم والحنان. نكبر، ويكبر هذا الشعور بداخلنا ويتواصل معنا بشكل دائم. هذه أمور طبيعية تحدث معنا ولا نتحكم بها.
تجد الطفل الرضيع مثلًا يبدأ بالبكاء عند الابتعاد عن والدته التي تمثل الدرجة الأولى من الأمان. فعندما تأخذه أنت بعيدًا يشعر بالخوف والقلق ويبدأ في إطلاق صيحة الاستغاثة (البكاء) بحثًا عن والدته. بمجرد أن يرى والدته، يتوقف هذا الخوف ويشعر بالأمان. نفس الأمر بالنسبة للأب الذي يمثل درع الحماية الأكبر بالنسبة للطفل. حتى عندما نكبر، بمجرد أن نتعرض لمشكلة ما نفكر دائمًا باللجوء إلى عائلتنا من أجل الشعور بالأمان والاطمئنان.
عندما نبدأ بالذهاب للمدرسة، تتسع دائرة الأسرة لتشمل دائرة أكبر وهي الأصدقاء المقربين. فإذا كنت تجد في منزلك الأسرة التي تساعدك على الشعور بالأمان والاطمئنان في الأوقات والظروف الصعبة، فإنك تجد في المدرسة وأماكن العمل مجموعة الأصدقاء المقربين الذين تعتمد عليهم وقت الشدة والخطر. فعند حدوث مشكلة لك في العمل أو المدرسة، تلجأ إلى أصدقائك لكي تجد الأمان والدعم الكبير.
عندما تشعر بالقلق أو عدم الأمان، فأول من يأتي إلى بالك هو اسرتك وأصدقائك. ففي هذه الأوقات تبحث عن شخص تتحدث إليه وتفكر معه في بعض الحلول لما تواجهه. هذه غريزة داخلنا ولا يمكن أن يمحوها شيء على الإطلاق. فالأسرة والأصدقاء هم الأشخاص الذين يشعرون تجاهنا بالحب دون الانتظار أي شيء في المقابل، وهو ما يميزهم عن الآخرين.